جريمة غسيل الاموال وكيفية مواجهتها – 2022

في عصر العولمة, وانفتاح السوق, ادى الى تلاشي الحواجز بين الدول, وتطورت فيه وسائل الاتصال والتواصل بشكل سريع عالمياً, مما ادى الى بروز انواع جديدة من الجرائم الاقتصادية, وابرزها عملية غسيل الاموال التي اصبحت عبئاً ثقيلاً على كل الدول, وهي من المحظورات الاقتصادية الواجب ملاحقتها ومنعها, وتزايدت في الاونة الاخيرة نظرا لازدياد النشاطات الاجرامية وخصوصاً المتعلقة بالتعامل وتجارة المخدرات.

تعتبر البنوك احد العناصر الاساسية في عمليات غسيل الاموال ومن العناصر الاكثر اهمية في مكافحتها ومواجهتها, ومن هنا يمكننا التركيز على مسؤوليتها في عملية غسيل الاموال, ودورها في مكافحتها.

ما هي جريمة غسيل الأموال؟

يمتد جذور هذه الجريمة منذ عقود, وبالاخص في الولايات المتحدة الاميركية, ولكن تم التعامل فيها بنطاق ضيق نظراً لغياب التعامل والتعاون الدولي, وصعوبة التواصل والاتصالات, وارتبط اسمها بشكل اساسي بجريمة المخدرات.

اللجنة الاوروبية لمكافحة غسيل الأموال في عام 1990 قامت بتعريف هذا الجرم على أنه “عملية تحويل الأموال الناتجة عن نشاط جرمي معين من اجل اخفاء أو انكار المصدر غير القانوني لهذه الأموال أو مساعدة أي شخص قام بارتكاب جرم وتجنب المسؤولية القانونية عن الاحتفاظ بمحصلات هذا الجرم“.

Untitled Project
money laundering high res.2e16d0ba.fill 1600x900 1

يرى البعض الاّخر انه “تطهير للاموال القذرة من عدم مشروعيتها“, ويقصد بالمال القذر كل مبلغ من النقود يحصل عليه شخص ما بسبب فعل مخالف للقانون.

ويراها البعض بانها “قبول لودائع مالية أو ارسال أموال بشرط ان يكون مصدرها من عمل غير مشروع أو غير قانوني وذلك عن طريق اخفاء مصدر تلك الأموال او هي مساعدة أي شخص يعد فاعلا أصليا أو شريكا في ذلك العمل غير المشروع على الإفلات من النتائج القانونية للفعل غير المشروع“.

خصائص جريمة غسيل الأموال:

  • جريمة غسيل الاموال هي جريمة عالمية, يعود ذلك الى الثورة التكنولوجية الهائلة و توسع شبكات الاتصالات والانترنت بشكل عالمي, فهي تتعدى حدود البلد الواحد, وهذا ما جعل الجهود الداخلية في كل دولة عاجزة عن التحكم بمفردها, مما لزم تعاون جهود دولية لمكافحتها
  • جريمة غسيل الاموال تعتبر جريمة منظمة, اي انها جريمة في الاغلب تكون متعددة الجناة, والجريمة تكون موحدة مادياً ومعنوياً, حيث يساهم كل طرف او كل شريك في عناصر الجريمة.
  • لجوء فاعلين هذا الجرم الى الوسائل الحديثة لتفادي القبض عليهم بتهمة غسيل الاموال, حيث ان الثورة التكنولوجية وتوسع الاتصالات والانترنت عالمياً ساهمت في سرعة انتشار هذه الجريمة, فان اطريقة الغالبة للعمليات هي الإنترنت والهاتف الجوال والتحويلات الإلكترونية ، وبسبب الاستعمال المتكرر ادى ذلك الى تطوير وسائل اخفاء عمليات غسيل الأموال.

مبررات تجريم عملية غسيل الاموال:

1- تهديد المناحي الإقتصادية والسياسية والاجتماعية للدول. قيمة الاموال التي يجري فيها عملية غسيل الاموال كبيرة جداً, وذلك يؤدي الى اختلال التوازن الاقتصادي, واتفاع نسبة العجز في قيمة المدفوعات, وزيادة التضخم, كما تؤدي عملية غسيل الاموال الى تفشي الفساد الإداري والسياسي.

2- تؤدي إلى انهيار المؤسسات المالية والمصارف والبنوك. يعود ذلك الى ان قبول البنوك للودائع والتحويلات المالية المشبوهة, قد يحل المشاركين الفعليين في البنوك يفزعون ويسحبون اموالهم وارصدتهم.

3- انتشار الجريمة في المجتمع. ان انتشار عملية غسيل الاموال المرتبطة بتجارة المخدرات يؤدي الى تنشيط عمل عصابات المخدرات.

مراحل ارتكاب جريمة غسيل الأموال:

1- مرحلة الايداع : يقوم فيها أصحاب الأموال التي تم اكتسابها من اساليب غير مشروعة بالبحث عن الطرق والوسائل المناسبة للتخلص منها, ويتم ذلك عن طريق وضعها في البنوك او المؤسسات المالية لتصبح مشروعة, حيث يتم ذلك بايداع أموالهم في الدورة المالية, اي يتم تحويل الأموال اما الى ودائع مصرفية أو إلى أرباح وهمية.

عند وضع الأموال في أحد البنوك يقوم فيما بعد بنقل تلك الأموال من المصرف، وهذه المرحلة هي من أصعب مراحل تبييض الأموال والاكثر خطوراً، لانها قد تُكتشف بسهولة.

11227

2-  مـــــــرحلة التمويــــــــه: تعريض المال القذر لعمليات مالية معقدة, لكي يتم اخفاء المصدر غير القانوني لهذه الاموال, حيث بعد ايداع الأموال في الحساب المصرفي, فإن القيام بالعديد من العمليات المصرفية كالإيداع أو السحب يؤدي الى خفي علاقة هذه الاموال بالمصادر غير القانونية،والهدف من هذه المرحلة هو تضليل الجهات الرقابية والأمنية و القضائية من معرفة المصدر غير المشروعلان الكثير من الافراد الذين يقومون بجريمة غسيل الأموال يملكون مشاريع أو استثمارات قانونية وهذا ما يسهل عليهم عملية التمويه أو التضليل.

3-   مــــــــــرحلة الدمــــــج: وهي اخر مرحلة من مراحل غسيل الاموال، حيث يعاد ضخ الأموال في الاقتصاد مرة أخرى كأموال سليمة شرعية وقانونية، يتم ادخال هذه الأموال في مشاريع تجارية اخرى لها مشروعيتها , حيث يتم تأمي المظهر الشرعي للاموال الغير شرعية، ويتم وضع الاموال التي تم غسلها مع الاموال النظيفة في دائرة الاقتصاد.

دور البنوك في تسهيل عملية غسيل الأموال:

تتمتع البنوك بعدة تشعبات للعمليات المصرفية والمالية, وهذا ما ادى الى جعل البنوك تبرز في عمليات غسيل الاموال, حيث انها لها دور كبير في ابعاد الاموال غير المشروعة عن مصدرها.

مع تقدم العمليات المصرفية واستعمال وسائل التحويل والتقنيات الحديثة, يصبح دور البنك واضح بشكل اكبر, وليس بالضرورة ان تكون البنوك على دراية بمصادر هذه الاموال غير المشروعة, ولكن الخدمات الحديثة يمكن استخدامها بشكل اسهل بطريقة مخالفة للقانون, وبالاخص ان هذه العمليات الحديثة تجري بشكل اّلي والرقابة عليها يحتاج الى وقت وجهد كبيرين.

وما يساهم في ذلك قانون سرية التعاملات المصرفية, وعدم قدرة البنوك على الكشف إلا بشروط خاصة .

وقد يصعب تحديد مصدر الاموال ان كان شرعياً ام غير شرعي, ولكن يجب على موظفي المصارف ان يكونو على دراية ومدربين للكشف او التنبؤ بمصادر هذه الاموال, عن طريق عدة دلائل:

1- الدلائل العامة:

  • اذا كانت الغاية من العملية البنكية غير مشروعة.
  • السحب السريع والمتكرر لأرصدة البنوط دون سبب منطقي.
  • اذا تعددت العمليات البنكية بشكل اكثر من المعتاد.
  • الحركة المفاجئة والمتضخمة لاي حساب صنف على انه في حالة سكون.

2- الدلائل الخاصة:

  • ايداع الاموال النقدية بشكل كبير وغير مألوف.
  • القيام بفتح حساب دون تقديم معلومات كافية او وجود معلومات مزورة.
  • من يقوم بايداع عملات مزورة في حسابه بشكل دائم.
  • شراء العملات الاجنبية بشكل تكراري.
  • الحوالات الخارجية التي تتضمن اوامر بالدفع النقدي.
  • سحب الاموال النقدين من الحساب عن طريق اجهزة الصرافات الالية دون اي تعامل مباشر مع موظفين البنك.
  • الحوالات المتنوعة من اكثر من مصدر الى حساب واحد وبمبالغ كبيرة.

الاجراءات الواجب اتباعها من قبل البنوك لتجنب عمليات غسيل الأموال:

  • معرفة العميل تأتي في المقدمة الاولى, فلا بد للعميل الذي يريد ان يفتح حساب ان يتم التأكد من معلوماته ومعرفته بشكل جيد.
  • ضمان تواجد اّثار للعمليات البنكية.
  • التقيد بقوانين البنوك والالتزام بها.
  • التعاون مع البنوك المختلفة بشكل دائم ومع الاجهزة المختصة بالرقابة.
  • اتباع البنك لسياسة الرقابة الذاتية.
  • القيام ببرامج خاصة لتدريب الموظفين.
  • عدم السماح بانشاء حساب لاشخاص مجهولي الهوية او وهمية.
52344903 39940673

دور البنوك في مكافحة جريمة الأموال:

نقلا عن والي بنك المغرب المركزي عبد اللطيف الجواهري في حديث إلى مجلة «إتحاد المصارف العربية»:

تماشياً مع توصيات منظمة العمل المالي وخصوصاً التي تتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والشمول المالي، قام بنك المغرب في إطار مراجعة المنشور المتعلق بواجب اليقظة المطبق على مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها بما فيها مؤسسات الاداء، خلال سنة 2017، بإدخال العديد من الاحكام المتعلقة بالسيطرة على مخاطر المنتجات والممارسات والتكنولوجيات الجديدة.

وتتلخص أهم المستجدات في هذا الإطار بما يلي:

  • وجوب تحديد وتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي قد تنشأ عن تطوير منتجات جديدة وممارسات تجارية جديدة، بما في ذلك آليات تسليم جديدة وإستخدام التقنيات الحديثة المتعلقة بالمنتجات الجديدة أو المنتجات الحالية. ويجب القيام بهذا التقييم قبل إعتماد المنتجات والممارسات والتقنيات الجديدة واتخاد التدابير المناسبة لإدارة وتخفيف تلك المخاطر.
  • إلزام المؤسسات بتوفير إهتمام خاص وتنفذ سياسات وإجراءات مخصصة للمنتجات والممارسات والتقنيات التي لا تنطوي على الحضور الفعلي للعميل؛
  • تطبيق تدابير مبسطة فيما يخص تحديد هوية بعض عملاء مؤسسات الأداء نظراً إلى مساهمتها في الشمول المالي.
  • إدراج نوع جديد من المؤسسات التي تعنى بتطوير خدمات الدفع تدعى «مؤسسات الاداء» في القانون البنكي لسنة 2015. وتتطلب مزاولة نشاط مؤسسات الاداء الحصول على إعتماد من بنك المغرب، وفق الشروط المنصوص عليها في القانون البنكي. ويشمل تحليل ملف الإعتماد جوانب عدة منها فحص النظام المطبق لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويخول لهذه المؤسسات فتح حسابات مخصصة للدفع وتقديم خدمات الدفع المرتبطة بهذه الحسابات. وفي هذا السياق، أصدر بنك المغرب في مارس – آذار 2017 ثلاث دوريات تتعلق بإجراءات ممارسة خدمات الدفع ، وبأنظمة عمل هذه المؤسسات والحد الأدنى لرأس المال الواجب إحترامه.

في هذا الإطار، يستوجب من هذه المؤسسات التقيُّد بمجموعة من الترتيبات في إطار مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب منها: فتح حساب لدى مؤسسة بنكية من إختيارها، للقيام بأي عملية تحويل للأموال، من أجل ضمان تتبع منتظم للتدفقات المالية ومراقبة إجراءات اليقظة الضرورية لمزاولة نشاطها. ويجب أن يكون هذا الحساب موضوع إتفاقية وخصوصاً تحديد كيفية تشغيله، وإجراءات اليقظة التي يتعين على صاحبه إتخاذها من أجل تفادي إستعماله لأغراض غير مشروعة. كما يجب على مؤسسات الأداء التزود بنظام للمراقبة الداخلية يتلاءم وطبيعة نشاطها وتعقيده وحجمه والتوفر على منظومة ملائمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تتناسب مع نوعية حسابات الاداء التي تسوقها.

ومن جهة أخرى، قامت السلطات الحكومية بإعداد مشروع القانون المتعلق بالتمويل الجماعي وذلك لغرض تعزيز تمويل المقاولات المتناهية الصغر بشكل آمن مِنَصَّةِ الإنترنت. ويحدد مشروع القانون إطار ممارسة هذا النشاط وبالخصوص إلزامية الحصول على ترخيص وتطبيق المتطلبات التنظيمية المتعلقة خصوصاً بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكذا خضوعها الى إطار مراقبة هيئة رقابية، حيث إن التمويل الجماعي المتعلق بالتمويل والهبة سيخضع لمراقبة بنك المغرب.

إشكالية التوفيق بين مكافحة غسيل الأموال وقواعد العمل المصرفي:

ظهرت هذه الاشكالية لعدة اسباب منها:

  • تمتع العمليات البنكية احدث الوسائل التكنولوجية الحديثة
  • مبدأ سرية العمل المصرفي, ومنع افشاء اي بيانات تتعلق بعملاء البنوك

وبالرغم من ضرورة الأسباب الإقتصادية التي بررت العمل بمبدأ السرية المصرفية إلا أن الجمع بين مكافحة جريمة غسيل الأموال وسرية العمل المصرفي ممكنة, باعتبار الاصل هو سرية العمل المصرفي والاستثناء هو الخروج على هذه السرية

F10D3696 0F43 409F 958F 3DBE28D8A734

الجهود الدولية لمكافحة غسيل الأموال:

شكلت جريمة غسيل الاموال خطر كبير على الاقتصاد العالمي, وهذا ما دفع الجهود الدولية والعالمية الى التعاون لمكافحة غسيل الاموال ومن ابرز الجهود :

  • اتفاقية فينا لعام 1988 وتتعلق هذه الاتفاقية بالاتجار غير المشروع بالمخدرات , والزمت الدول الاعضاء فيها بمنح صفة التجريم على اي عمل يستهدف اخفاء المصدر غير المشروع للأموال , والزمت تسهيل التعاون القضائي والاداري وتبادل المتهمين بين الدول الاعضاء.
  • فريق العمل المالي الدولي:
    يسمى بالمجموعة الدولية للعمل المالي ، و نشأت نتيجة إجتماع الدول الصناعية السبعة، واعطت الحق لدول مختلفة بالانضمام لها، وتهدف إلى تحديد انشطة غسيل الأموال.
  • إعلان ستراسبورغ:
    وقد صدر عام 1990 ويتضمن إجراءات تخص التفتيش والضبط الجرمي في اوروبا، و شكلت اجراءاته اطار قام بالاستناد عليه الكثير من التشريعات الاوروبية.

للمزيد من المعلومات حول جريمة غسيل الاموال في التشريع المرغبي يرجى زيارة الرابط

https://www.allbahit.com/2021/05/blog-post_60.html

90479Image1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *