دعوى القسمة القضائية الواردة على العقار في القانون المغربي – 3 شروط ينبغي تحقيق احدها لصحة مسطرة دعوى القسمة القضائية
القسمة القضائية:
المواضيع العقارية كثيرة ومتنوعة، لا يمكن حصرها أو الإحاطة بكل مواضيعها, والقسمة هي واحدة من أهم واكثر العقود شيوعاً.
في حالة الخروج من الشياع نتفادى الضرر الذي قد ينتج عن الشراكة ويستقل كل شريك بحصته المفرزة , حيث تتضمن حالة الشراكة على العقار الشائع بعض الحالات المتمثلة في عدم اتفاق الشركاء على طريقة معينة لإدارة العقار المشاع، مما يؤدي الى تقييد حرية كل طرف في التصرف بما يملكه كما يشاء ينتج عن ذلك إهمال هذا المال الشائع و تقصير الشركاء في المحافظة عليه.
منح القانون لكل طرف حق المطالبة بقسمة المال المشاع و الحصول على حصته، دون ان يكون لاي من الشركاء الحق في إلزامه على البقاء معهم في حالة الشياع, ويكون من الصعب على الشريك الذي يكالب بالخروج من حالة الشياع ان يبيع حصته وحدها دون بقية الحصص لأن العقار الشائع غالبا ما لا يجد إقبالا عليه في حصة محددة لان المشتري في هذه الحالة يسعى للتهرب من الضرر الذي قد يلحق به نتيجة الشراكة.
القسمة إما أن تكون اتفاقية و رضائية تُبنى على ارادة جميع الاطراف, او قضائية حيث يتم اللجوء الى القضاء فيها, وتكون من قبل طرف او اكثر, ثم تقوم الخبرة القضائية باصدار حكم إما بقسمة العقار قسمة عينية في حال كان قابل للقسمة أو قسمته عن طريق بيعه بالمزاد العلني (قسمة التصفية).
شروط سلوك مسطرة القسمة القضائية الواردة على العقار:
1- اختلاف الشركاء حول تقسيم العقار: في حالة ارادة بعض الشركاء على اجراء القسمة بينما يرفضها قسم اخر من الشركاء يريد بعض الشركاء إجراء القسمة ، وقد يقع الخلاف حول طبيعة القسمة، حيثقد يريد بعض الشركاء اجراء قسمة عينية بينما الشركاء الاخرون يفضلون قسمة التصفية.
2- في حال اتفاق الشركاء على القسمة, تصبح القسمة قضائية في حالة احد الشركاء لا يتمتع بالاهلية القانونية للتصرف في حقوقه، لا يمكن إزالة الشيوع عن طريق القسمة الرضائية في مثل هذه الحالة فنلجأ إلى القسمة القضائية بهدف حماية حقوق فاقدي الأهلية القانونية او ناقصي الاهلية، مهما كانت صفتهم كمدعين أو كمدعى عليهم
3- في حالة اتفاق الشركاء ولكن كان احد الشركاء غائباً, فيتم اللجوء الى القسمة القضائية ايضا, لكن للتنويه يعد كل شخص غاب عن أهله وانقطعت أخباره بحيث لا يعرف هل هو حي أم ميت مفقوداً من الناحية القانونية، اما اذا عرف مكانه أو تم التأكي بأنه حي فيكون غائباً ولا يعتبر مفقوداً، ويتبين أن المشرع يقصد المفقود في هذه الحالة.
موانع القسمة القضائية الواردة على عقار:
1- الموانع القانونية: “لا يسوغ طلب القسمة إذا كان محل الشياع أعياناً من شأن قسمتها أن تحول دون أداء الغرض الذي خصصت له”
إن المشرع المغربي في حالة تنافي سبب القسمة مع الغرض التي خصصت له يقوم بمنع قسمة الأعيان المشاعة، وينقسم هذا الشيوع الإجباري إلى نوعين:
- الشيوع الإجباري الأصلي: وهو تخصيص بعض الأشياء للمنفعة المشتركة بين جماعة من الأفراد توجد رابطة معينة بينهم.
- الشيوع الإجباري التبعي: وهو تخصيص بعض الأشياء لخدمة عقارات معينة متجاورة، أو أجزاء في عقار واحد مملوك لملاك مختلفين.
2- الموانع الارادية: تتمثل في اتفاق الأطراف على البقاء في حالة الشيوع لمدة, حيث تبين أن الشركاء يجبرون على البقاء في الشياع طيلة المدة المتفق عليها “العقد شريعة المتعاقدين|, وان المشرع المغربي لم يحدد مدة الإتفاق على البقاء في الشيوع، و سمح للمحكمة أن تأمر بإجراء القسمة العقارية رغماً عن الإتفاق القائم بين الشركاء، متى توفرت المبررات المعقولة.
3- من الموانع الواقعية التي قد تمنع المضي في اجراءات دعوى القسمة القضائية هو ان تكون دعوى القسمة القضائية مرتبطة بدعوى الشفعة بخصوص بعض الحقوق المشاعة، إذ ممكن أن تكون دعوى القسمة القضائية التي تقدم من قبل أحد الاطراف المالكين على الشياع محل دفع من طرف أحد الخصوم الذي حرك دعوى الشفعة المرتبطة بعض الحقوق المشاعة، والتي تم تفويتها من قبل مالك آخر, توزع القضاء المغربي بين اتجاهين في هذه الحالة ، الأول اقتضى بوجوب إيقاف النظر في دعوى القسمة إلى حين القضاء والحكم في دعوى الشفعة, والثاني اقتضى بوجوب عدم قبول دعوى القسمة إلى حين القضائء والحكم في دعوى الشفعة.
إثبات ملكية العقار محل القسمة القضائية:
القاضي المختص الذي ترفع عنده دعوى القسمة العقارية يلزم بفحص الوثائق المقدمة اليه و التأكد منها، ولا يصدر حكمه إلا بعد إثبات الملكية الشائعة للعقار ، و طريقة إثبات الملكيةالشائعة للعقار تختلف بين ما اذا كان العقار محفظاً أم غير محفظ.
1- العقار المحفظ: تثبت حالة الشياع عن طريق الحجة الكتابية المستوفية للشروط اللازمة .
2- العقار غير المحفظ: تختلف من حالة لأخرى:
- إذا كان المال الشائع قد اكتسبه الاطراف بسبب ميراث، فيجب ان يقوم المدعي بارفاق ما يثبت صفته في طلبه القضائي بالاضافة الى رسم الإراثة وهو عبارة عن رسم عدلي يوجد فيه دلالة على موت الموروث ويوضح عدد الورثة، وما هي علاقتهم بهذا الشخص, ويجب ان تكون متضمنة لتاريخ الوفاة بدقة، ويذكر فيه جميع اسماء والالقاب العائلية للورثة والعمر والصفة ومكان السكن والحالة الشخصية ويذكر مناب كل وارث منهم.
ويجب ان يحتوي الطلب القضائي على رسم التركة وهو يكشف عن ما خلف الميت من اموال وتحدد بدقة سواء ان كانت منقولاً ام عقاراً, بالاضافة الى رسم الملكية وهو وثيقة تحتوي على شهادة عدة اشخاص على واقعة يعلمونها بشكل شخصي بحكم المجاورة والإطلاع ، ويشهدون بملكية شخص معين على ملك معين أمام العدلين المخصصين وفق الشروط المحددة شرعاً.
- إذا كان المال الشائع المراد قسمته قد اكتسبت ملكيته عن طريق العقد، كشراء عقار معين, فيجب على المدعي الذي يرغب في قسمة المال المشاع ان يرفق العقد وهو مصدر الشيوع في مقاله الإفتتاحي، ويجب أن يحتوي على حصة كل شريك من الشركاء، لان في حالة الشك في حصة كل منهما تعتبر أنصبة الشركاء متساوية.
افتتاح مسطرة القسمة القضائية على عقار:
تفتتح دعوى القسمة القضائية عن طريق مقال افتتاحي، واذا فقد احد عناصره الاساسية تعتبر الدعوى مردودة شكلاً.
1- اطراف الدعوى:
- المدعي و هو كل شريك في ملكية العقار الشائع يرغب في الخروج من حالة الشياع، ولكي تكون الدعوى مقبولة قانوناً، يجب أن يكون المدعي له صفة ويتمته بالأهلية القانونية وله مصلحة في التقاضي.
- المدعى عليه الذي قد يكون شريكاً واحداً أو عدة شركاء، ويجب على المدعي أن يبين في مقاله الافتتاحي بكل وضوح اسم المدعى عليه الشخصي والعائلي وصفته أو مهنته ومحل اقامته بدقة، وان نسي المدعي ذكر أحد هذه العناصر قد يؤدي إلى رد الدعوى وعدم قبولها شكلاً, فإن دعوى القسمة تقتضي وجوباً أن توجه ضد جميع الشركاء مهما تعددوا ، لا ضد البعض دون البعض الآخر.
- تدخل دائني الشريك في دعوى القسمة العقارية حيث ان الدائنين لهم مصلحة جدية بلا شك في التدخل في إجراءات دعوى قسمة المال الشائع ضمن المادة التي تنص “أموال المدين ضمان عام لدائنيه”, فيمكن للغير التدخل في دعوى القسمة مادام له مصلحة مؤكدة
2- ترفع دعوى القسمة إلى المحكمة الإبتدائية بمقال افتتاحي موقع من طرف المدعي ان كان هو من باشر في رفع الدعوى واذن له بالتقاضي أو من محاميه او وكيله.
من ما سبق نجد أن المقال الإفتتاحي لدعوى القسمة القضائية يجب ان يتضمن ما يلي:
– التعريف بأطراف الدعوى، وذلك لتحديد الإختصاص المحلي للمحكمة وبيان الشريك او الطرف الذي يقع عليه عاتق الإثبات.
– بيان موضوع الدعوى الذي هو طلب إجراء قسمة قضائية للعقار الشائع.
– ملخص للاحداث التي تتعلق بدعوى القسمة.
وفي حالة عدم تضمن المقال الافتتاحي لهذه البيانات الشكلية فإن مصير الدعوى يكون هو الرفض عدم القبول.
3- بعد تسجيل المقال الإفتتاحي , يُعين القاضي المقرر بالقضية من قبل رئيس المحكمة, يتتبع القاضي المكلف مراحل الدعوى الجلسة الاولى حيث يتم استدعاء الاطراف إلى ان تصبح القضية جاهزة للحكم فيها , ومن الجلسة الاولى يقوم بطرح المناقشة في طلب إجراء القسمة العقارية , ويقوم كل طرف بتقديم مستنداته التي تسانده في موقفه القانوني, ويسمح للأطراف الدخيلة بالإنضمام إلى الدعوى الى جانب المدعي أو الى جانب المدعى عليه,وهذا ما يسمى بالتدخل الإرادي, وان إدخال الغير في دعوى القسمة العقارية يكون إلزامياً خلال مرحلة المناقشة وقبل إقفال القضية في بعض الحالات.
4- مرحلة إعداد مشروع القسمة العقارية: يصدر حكم بتعيين خبير عقاري وتسند هذه المهمة اليه لانه مختص في هذا المجال وتحدد مهامه بدقة , في حالة كان العقار قابلا للقسمة العينية يعد الخبير مشروعا لقسمته, أما في حالة عدم قابليته للقسمة العينية يقترح بيعه بالمزاد العلني لتتم قسمته بما يسمى قسمة التصفية ويحدد الثمن الذي تنطلق على أساسه المزايدة.
للمزيد من التفاصيل حول اشكاليات القسمة القضائية, الرجاء زيارة الموقع التالي: مسطرة قسمة العقار بين الورثة في القانون المغربي (fsjesouissi.com)